الشعب كسب جولته الأولى وبقت له جولات
فى أول جولة من جولات معركته من أجل الحرية والمساواة، أجبر الشعب المصرى النظام على السقوط بعد أن افقده شرعيته لأكثر من مرة، هذه الشرعية المفروضة أصلا بالبلطجة والتزوير والإرهاب، فقد ألحق الهزيمة بجهاز الشرطة وبالحزب الحاكم و مليشيات أرهابه من البلطجية وأخيرا أجهزة إعلامه، وامتص القوة القمعية للجيش ليجبره على اسقاط النظام والإقرار بالشرعية الثورية.
برهن الشعب بتلقائية دون وجود أى زعامات وقادة، قدراته على أن يقرر مصيره بنفسه، وأن ينظم ويدير شئونه بلا سلطات متعالية عليه، كانت ملحمة ميدان التحرير التى استمرت ثمانىي عشر يوما ، ومارسها مئات الألوف من المصرين، دليل على أن السلطة المتعالية هى التى تفسد الناس، وهى التى تخلق الجريمة والفوضى والعنف لتبرر وجودها، ففى التحرير تجسدت معايير الإدارة الذاتية والتعاون الطوعى فى الإعاشة وحفظ الأمن والنظافة، وظل التحرير أكثر الأماكن فى مصر آمانا رغم غياب أى سلطة قمعية داخله، فبرغم الزحام الشديد لم تحدث أى جرائم سرقة أو تحرش جنسى أو تعارك بين الناس، أما فى خارج الميدان فقد حافظ الناس على الأمن بأنفسهم فى ظل الانفلات الأمنى المدبر من الشرطة.
أثبت أفراد الشعب وجماعاته أنهم ليسوا مجموعة من القصر غير الجديرين بتحمل المسئولية،وبرهنوا عن عدم حاجاتهم للأوصياء والقيمين والقادة والزعماء من أى نوع، واثبتوا عن عدم حاجاتهم لأجهزة القمع التى تحد من حريتهم باسم الحفاظ على أمنهم ومصالحهم.وانهم قوة لا تستطيع أن تقف أمام إرادتهم الموحدة أعتى أجهزة القمع.
فى الجولات التالية من معركة الشعب من أجل الحرية والمساواة لابد وأن تنتقل تجربة التحرير إلى كل حى ومدينة وقرية، و إلى كل موقع عمل خدمى أو إنتاجى، على الناس أن يشكلوا لجانهم الشعبية للإدارة الذاتية للأحياء والمدن والقرى المنتخبة من السكان، وعلى العمال أن يشكلوا اللجان العمالية فى منشئات الإنتاج والخدمات المختلفة بالإنتخاب، وعليهم أن يديروا أمورهم ويلبوا احتياجاتهم المختلفة عبر قواعد التعاون الطوعى، واكتساب هذا الحق وانتزاعه والمحافظة عليه فى مواجهة كل محاولات إعادة النظام القديم، وعلى الناس فى كل حى ومنشأة أن يؤسسوا جمعيات استهلاكية تعاونية لتوفر لهم احتياجاتهم من السلع المختلفة فى مواجهة ارتفاع أسعار السلع وشحها.
و على اللجان الشعبية فى الأحياء والمدن والقرى أن تستولى على مقار الحزب الوطنى الديمقراطى واستخدامها فى الاجتماعات العامة باعتبارها أملاك عامة استردها الشعب من غاصبيها.
كما أنه من المهم عقد علاقات طيبة مع الجنود ومساعدتهم على الاختلاط بالجمهور لمنع استعمالهم من طرف القيادات العسكرية لقمع الاحتجاجات وهذا ينسحب على صغار أعوان البوليس غير المتورطين في جرائم القتل لجرهم الى ميدان المطالب الاجتماعية والتمرد على قياداتهم بما يساهم في شل هذا الجهاز القمعي.
و فى النهاية فإن أهم انتصارتنا المرحلية تتلخص بوضوح فى ديمقراطية جذرية تتضمن حقوق المشاركة الشعبية فى السلطة واللامركزية الإدارية وحقوق وحريات الإنسان السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
الأناركيون المصريون